كيف تستمع إلى صوت الله

كيف تستمع إلى صوت الله

بقلم كارلوس برانداو

ربما تتساءل عن إمكانية الاقتراب إلى الله. والمفاجأة هي أن الله سبحانه وديع ومحب للغاية في طبيعته وهو دائما قريب منا يحب أن يستمع إلينا. ويمكنك أن تتواصل معه في أي ساعة نهارا أو ليلا وأي مكان كلما رغبت في ذلك وحتى إذا كنت في المواصلات العامة – فهو يستمع إليك!

ومع ذلك يجب أن تعي بأن الله تعالى قدوس ونحن لسنا كذلك. فكما يجب على الطفل أن يغسل يداه قبل أن يجلس على مائدة العشاء، فهكذا يجب أن نكون أنقياء قبل أن نقضي وقتا مع الله. لا أقصد بذلك أن تغسل يديك قبل أن تتحدث مع الله أو أنه لا يمكن الاقتراب إليه لإفراغ ما يكمن في قلبك لأنك اتسخت بسبب العمل بتنظيف البيت أو في الحديقة، إنما الوسخ الذي نحن بصدده يتعلق بما يكمن في داخلنا من أمور تعرقل علاقتنا مع الله. مثلا إن أسأت إلى أحد، يجب أن تطلب الغفران من الله كما يجب أن تتصل بالشخص المعني وتصلح الأمور على قدر الإمكان.

وأن لم تتواصل مع الله من قبل ولكن تريد أن تكون لك علاقة حقيقية وحميمة معه فعليك أن تأتي إليه عن طريق يسوع المسيح معترفا بخطاياك وطالبا منه الغفران حتى يطهرك من الداخل وتتواصل مع الله مباشرة مثلما يقترب طفل إلى ذراعي أبيه بكامل الثقة والحرية.

وأما الصلاة فليست طلب المساعدة من الله أو التعبير عن احتياج، إنما هي ممارسة علاقة شخصية مع الله بما في ذلك الاستماع والحديث كما في التواصل المتبادل وهي بمثابة الشرب من بئر الحياة علما أننا بحاجة إلى أن نتعلم منه وليس العكس.

إن العلاقة هي المفتاح والمحبة هي مفتاح المفتاح! فنحن نوجد لأجل المحبة وليس من أجل أن نلح عليه بأن يعطينا ما نظن أننا نحتاجه في اللحظة التي نريدها فنحن لا نستطيع أن نتلاعب به! لكن لا قوة ولا شيء يستطيع أن يمنعك من أن توصل رسالتك إلى السماء فالرب دائما يستمع! يمكنك أن تتكلم في فكرك وبدون صوت وهو يسمعك كما يمكن أن تستخدم صوتك المسموع بل حتى الأصوات الناتجة عن الألم الشديد وأشد الأوجاع فلن يستمع إليها فقط بل سيفهم ما تحاول أن تعبر عنه بحبه الكامل ورعايته الفائقة.

لا يستهين الرب بأحد، بالعكس هو مستعد دائما أن يفتح ذراعيه ويعزينا إذ تتصف طبيعته بالمحبة الخالصة الخالية من أي نقص. ولكن هذا لا يعني أننا قادرين على اقناعه أن يفعل ما نظن أنه يجب أن يفعله أو بأن يستجيب صلواتنا في الوقت الذي نراه مناسبا. فخير لنا أن نؤمن بأنه يعلم بما فيه خيرنا والوقت الأنسب لنواله. إنما الصلاة هي وسيلة ناجعة تبقينا على علاقتنا مع الله.

يقول البعض أنه يستجيب بقوله نعمأو لاأو انتظرعلى حد سواء ثم علينا أن نثق فيه. أما بعض الناس فلا يريدون أن الاعتماد على أحد، لكن الحرية هنا لا تعني حرية التصرف فيما نشاء حينما نشاء بل إن الحرية في علاقتنا مع الله هي أن نختار أن نتوكل عليه إلى الأبد وأن نطيع وصاياه لأننا نحبه أولا ثم أن نحب الغير مثلما نحب أنفسنا.

فهو الله ونحن بشر، وهو الذي أرسل يسوع المسيح كلمته الأزلية ليموت بدلا عنا حتى نحيا معه إلى الأبد ونتمتع بالوصول إلى الله من الآن فصاعدا. الله دائما على استعداد للتواصل معنا. وإن لم يتحقق هذا التواصل فلا شك أن الخلل ليس من جهته بل من جهتنا نحن المحتاجين إلى أن نتعلم ونختار الحياة بدل الموت. عندما نكون في محضره تتدفق الحياة داخلنا مثل نهر ولا يبقى لدينا احتياج إذ أنه هو راعينا ونحن خرافه وفي محضره لا وجود للعوز ولا للاحتياج.

لقد وجد المسيحيون طوال التاريخ طرقا متنوعة ليستمروا على التواصل مع الله أو لـممارسة حضور اللهحسب تعبير الأخ لوران“. ولـمادم غيونمؤلفات مهمة عديدة في هذا الصدد بما فيها أسلوب صلاة سهل ومختصرويمكن العثور عليها على الإنترنت مجانا كما أنها موجودة باللغة الإنجليزية على موقعي (الرجاء النقر على الموارد المجانية Free Resources على الصفحة الرئيسية ثم النقر على اسم المورد نفسه لتحميل الكتاب الإلكتروني المجاني).

تكمن الطريقة المثلى للاتصال بالله وقضاء الوقت معه لدى الأغلبية في الاستيقاظ والبحث عن مكان خال مثل غرفة هادئة أو مكان في الهواء الطلق. إن كانت غرفة فأغلق الباب والتزم الصمت وانتظر أن يتحدث معك الله. وأنجع وقت للقيام بذلك بالنسبة لي هو في الصباح الباكر وبالنسبة للآخرين فربما يجدون نهاية اليوم أفضل أو حتى في النهار – أثناء العصر مثلا حيث يجدون مكانا هادئا في حديقة عمومية مثلا. والأمر ليس من السهل خاصة في بدايته لأننا نتعلم من خلال هذه الممارسة الروحية أن نهدئ الذهن وننصت إلى صوت الله اللطيف.

غير أن هناك أصواتا مختلفة كثيرة في أذهاننا منها أصوات أشخاص هامين في حياتنا خاصة أفراد الأسرة مثل الأبوين والزوج أو الزوجة وكذلك الأصدقاء المقربون إضافة إلى صوت أفكارنا الخاصة. وهناك أيضا أصوات خارج الذهن ينبغي الابتعاد عنها حتى تظل في حديث خاص مع الله وهي الضجيج الناتج عن الهاتف المحمول والتلفاز وحاسوب الأجهزة اللوحية ومثلها.

لكن إن كنت مسيحيا فهناك في داخلك صوت الروح القدس الساكن فيك وهو يتواصل مع روحك. وأما الظلام فله صوت أيضا يحاول به أن يجرك في الاتجاه الخطأ غير أنك ستتقدم مع المواظبة وتنمو في علاقتك مع الرب الذي هو السلام والحياة.

يتواصل معك الرب بطرق متعددة، ومن طرق السمع قراءة الكتاب المقدس عندما تقرأه بتمهل وتبرز أمامك كلمة أو عبارة وكأنها قفزت من الصفحة! فتمهل وتأمل في هذه العبارة لعل الله يكلمك من خلالها. كما يكلمنا أحيانا عن طريق يقين أو إحساس يتكون في داخلنا. لي صديق إفريقي يفهم الأمر كأن الروح القدس يستعمل الإحساس بـضوء أحمرلما يريد أن يمنعه عن القيام بأمر معين والإحساس بـضوء أخضر” (كما في اشارة المرور) لما يريد أن يؤكد له أن أمرا أو اتجاها معينا على صواب. أو ربما يكلمك الله من خلال نقطة من تعليم مقدس ظل في قلبك بقوة أو نصيحة قدمها صديق تنفذ إلى أعماقنا بقوة متميزة.

يكلمنا الله أيضا من خلال الرؤى والأحلام أو حتى من خلال شيء ملموس نراه. كما يكلمنا من خلال خليقته، مثلا نرى جبلا يشعرنا بقوة الرب وجلاله. ويكلمنا تكرارا من خلال أفكار تخطر لبالنا فيتعلق الأمر بالانتظار في حضوره بالإيمان. فقم بممارسة حضور الله – إنه لأمر فعال وهو حياة وسلام. لا يوجد للرب نظير وهو الطريق والحق والحياة!